دع الأيام تفعل ما تشاءُ وطب نفساً إذا حكم القضاءُ
ولا تجزع لحادثة الليالي فما لحوادث الدنيا بقاءُ
وكن رجلاً على الأهوال جلداً وشيمتك السماحة والوفاءُ
وإن كثرت عيوبك في البرايا وسرك أن يكون لها غطاءُ
تستر بالسخاء فكل عيب يغطيه كما قيل السخاءُ
ولا تري للأعادي قط ذلاً فان شماتة الأعداء بلاءُ
ولا ترج السماحة من بخيل فما في النار للظمآن ماءُ
ورزقك ليس ينقصه التأني وليس يزيد في الرزق العناءُ
ولا حزن يدوم ولا سرور ولا بؤس عليك ولا رخاءُ
إذا ما كنت ذا قلب قنوع فأنت ومالك الدنيا سواءُ
ومن نزلت بساحته المنايا فلا أرض تقيه ولا سماءُ
وأرض الله واسعة ولكن إذا نزل القضا ضاق الفضاءُ
دع الأيام تغدر كل حين فما يغني عن الموت الدوا
***************
وَلَمّا قَسا قَلبي وَضاقَت مَذاهِبي جَعَلتُ الرَجا مِنّي لِعَفوِكَ سُلما
تَعاظَمَني ذَنبي فَلَمّا قَرَنُتهُ بِعَفوِكَ رَبّي كانَ عَفوُكَ أَعظَما
فَما زِلتَ ذا عَفوٍ عَنِ الذَنبِ لَم تَزَل تَجودُ وَتَعفو مِنةً وَتَكَرما
فَلَولاكَ لَم يَصمُد لإِبليسَ عابِدٌ فَكَيفَ وَقَد أَغوى صَفِيكَ آدَما
فَلِلهِ دَر العارِفِ النَدبِ إِنهُ تَفيضُ لِفَرطِ الوَجدِ أَجفانُهُ دَما
يُقيمُ إِذا ما كانَ في ذَكرِ رَبهِ وَفي ما سِواهُ في الوَرى كانَ أَعجَما
وَيَذكُرُ أَيّاماً مَضَت مِن شَبابِهِ وَما كانَ فيها بالجَهالَةِ أَجرَما
فَصارَ قَرينَ الهَم طولَ نَهارِهِ أَخا الشُهدِ وَالنَجوى إِذا اللَيلُ أَظلَما
يَقولُ حَبيبي أَنتَ سُؤلي وَبُغيَتي كَفى بِكَ لِلراجينَ سُؤلاً وَمَغنَما
أَلَستَ الذي غَذيتَني وَهَدَيتَني وَلا زِلتَ مَنّاناً مَنّاناً عَلَي وَمُنعِما
عَسى مَن لَهُ الإِحسانُ يَغفِرُ زَلتي وَيَستُرُ أَوزاري وَما قَد تَقَدما
******************************
سيفتح باب إذا سد باب نعم وتهون الامورالصعاب
ويتسع العيش من بعد ما تضيق المذاهب فيها الرحاب
مع الهم يسران هون عليك فلا الهم يجدي ولا الاكتئاب
فكم ضقت ذرعا بما هبته فلم ير من ذاك قدر يهاب
وكم برد خفته من سحاب فعوفيت وانجاب عنك السحاب
ورزق اتاك ولم تاته ولا ارق العين منه الطلاب
وناء عن الاهل من بعدما علاه من الموج طام عباب
اذا احتجب الناس عن سائل فما دون سائل ربي حجاب
يعود بفضل على من رجاه وراجيه في كل حين يجاب
فلا تاس يوما على فائت وعندك منه رضاء واحتساب
فلا بد من كون ما خط في كتابك , تحبى به او تصاب
فمن حائل دون ما في الكتاب ومن مرسل ما اباه الكتاب
اذا لم تكن تاركا زينة اذا المرء جاء بها يستراب
تقع في مواقع تردى بها وتهوي اليك السهام الصياب
تبين زمانك ذا واقتصد فان زمانك هذا عذاب
واققل عتابا فما فيه من يعاتب حين يحق العتاب
مضى الناس طرا وبادو سوى اراذل عنهم تجل الكلاب
يلاقيك بالبشر دهمائهم وتسليم من رق منهم سباب
فاحسن وما الحر مستحسن صيان لهم عنهم واجتناب
فان يغنه الله عنهم يفر والا فذالك فيما الخطاء والصواب
فدع ما هويت فان الهوى يقود النفوس الى ما يعاب
وميز كلامك قبل الكلام فان لكل كلام جواب
فرب كلام يمص الحشاء وفيه من المزح ما يستطاب
*********************
عليك بتقوى الله ان كنت غافلا * يأتيك بالارزاق من جيث لا تدري
فكيف تخاف الفقر و الله رازقا * فقد رزق الطير و الحوت في البحر
و من ظن ان الرزق يأتي بقوة * مـا أكـل الـعصفـور مـن النسـر
نزول عـن الدنـيا فـأنك لا تدري * أذا جن ليل هل تعش الى الفجر
فكم من صحيح مات من غير علة * و كم من سقيم عاش حينا من الدهر
**********
الدهر يومان ذا أمن وذا خطر *** والعيش عيشان ذا صفو وذا كدر
أما ترى البحر تعلو فوقه جيف *** وتستقر بأقـصى قـاعه الدرر
وفي السماء نجوم لا عداد لها *** وليس يكسف الا الشمس والقمر
*********************
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي *** جعلت الرجا مني لعفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته *** بعفوك ربي كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل *** تجود وتعفو منة وتكرمــا
*****************
وهذه لحسان ابن ثابت بمديح الرسول ص
نـورٌ تـألــق في الــوجــود سـنــاهُ **** غَـمـر المـمالـك و الشعـوب ضياهُ
مسحـتْ بـه الصحـرا كـرى و اوهـامها **** ومــحا بها الكــونَ الـشـقــي دُجــــــاهُ
فــي يـوم مـطـلع فـجـرهِ ولـدَ الـهـُدى **** وانـبـث بـيـن الـعالــمــيــــن شـــذاهُ
يـفـشي صـفـات محـمد خـيـر الــورى **** و أجــلُ مــنْ تــشــدُوا بــهِ الأفـــواهُ
كـمْ مـوقـفٍ و الليـلُ داجٍ و الــورى **** غــافٍ تــمـتع بالكــرى عــيــنــاهُ
وقــف بها النــبي وحــيــداً حائــراً **** و الـنـجـمُ سامـرهُ الــذي يـــرعاهُ
الـغـارُ مَـعـبـدهُ الـبعــيدُ عـن الـورى **** و الـكـائِـنـاتُ صـلاتهُ و دعـــاهُ
و الـبـيـدُ مـسبـح فِـكـرهِ و خـيـالهِ **** و الـقـفـرُ روض شـعـوره و ربــاهُ
و الـوحـي مَـنـبـعهُ الــزكي: فـؤاده **** يــنــبــوعــهُ، و لــســانه مــجـــراهُ
مُـستـرسـلُ النـظـراتِ يـطلبُ مـلجأً **** يـأوي إلـيهِ فـقـد قـلـى دنـيـاهُ
حـيـنا يـفـكـرُ فـي السما و ربـها **** و الكــون و الـملكُ الــذي سـواهُ
يـروي إلـى هـذا الـوجــود فـيـرتـئـي **** مـا لا يُــسيـغُ و يـرتـضي مـرأهُ
ظـلمٌ و إلحــادٌ و جهــلٌ مُـطبـقُ **** و تـنـاحـرٌ و تخاصمٌ و ســفـاهُ
هـو ثـورة العـصر الجـديـد تأجـجـتْ **** لــهـباً تُــدمـدم فــي الـعــقـــول لــظاهُ
تـودي بـعـصر الـمـوبـقـات و تـبـتـني **** عـهــداً يـرى فـيـه الــوجــود شـفــاهُ
كـيـف الـركــون الى الحـياة و كــونها **** قــد اظـلـمـت اصـقـاعــه و سـمــــاهُ
اربــابــهُ اصــنــامـــهُ و حُـــمــاتــهُ **** أجــلافـــهُ و الــمـــوبــقـــاتُ حجاهُ
و الــمــوتُ شــاعــرهُ الــبلــيغُ تـروقهُ **** كــــلمــــاته و يــهـــــزهُ مــــعنــــــــاهُ
و الــشــر حـيــاده الــذكـــي يــســوقـــه **** أيــان شـــاء، و يــســتــجــيــدُ حـــــداهُ
********************************