الوحيدون في العالم: الفلسطينيون يستخدمون 4 عملات للتداول يوميا
رام الله/ وكالات
يتقاضى الموظف الفلسطيني العادي راتبه بـ"الشيكل" الإسرائيلي؛ إلا أنه يضطر في أغلب الأحيان، إلى دفع أجرة منزله بالدينار الأردني أو الدولار الأمريكي، وغالبا ما يتمم التاجر الفلسطيني صفقاته بالدولار الأمريكي أو اليورو الأوروبي، أما الجنيه الفلسطيني فيحتفظ به بعض الفلسطينيين في إطارات زجاجية تزين جدران مكاتبهم أو صالوناتهم، فحلم تداول هذه العملة مرتبط بشكل كامل بقيام الدولة الفلسطينية.
المرة الأخيرة التي تداول فيه الفلسطينيون الجنيه الفلسطيني كان قبل نكبة عام 1948، وفي الضفة الغربية تداول الفلسطينيون الدينار الأردني حتى نكسة عام 1967 ليتحولوا بعد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية إلى العملة الإسرائيلية التي بدأت بالليرة الإسرائيلية، ومن ثم الشيكل الإسرائيلي الذي ما زال مستخدما حتى الآن.
ويقول المحلل الاقتصادي سمير حزبون "في الحالة الفلسطينية عندما نتحدث عن النقد فإنه لا يوجد لدينا نقد، ولكننا نستخدم وظائف النقد من خلال عملات أخرى". قبل العام 1967 كان الفلسطينيون يستخدمون الدينار الأردني كوسيلة للتداول، مقابل استخدام الدولار الأمريكي كوسيلة للادخار.
بعد عام 1967 أدخلت الليرة، ومن ثم الشيكل الإسرائيلي؛ الذي أصبح وسيلة لشراء السلع والخدمات، وأصبح الدينار الأردني والدولار الأمريكي هما وسيلة للإدخار، بحسب ما إضافه حزبون.
الشيكل ثم الدينار ثم الدولار ثم اليورو
حاليا، وبحسب ما أوضح وزير الاقتصاد السابق ورجل الأعمال مازن سنقرط، يستحوذ الشيكل على أكثر من 80 إلى 85%من حجم التجارة في داخل السوق الفلسطينية، ومع إسرائيل، في حين أن الدولار والدينار الأردني يستحوذان على 15 إلى 20% بما له علاقة ببيع الأصول غير المنقولة؛ مثل الأراضي والعقارات وأحيانا القروض من البنوك المحلية. وتبقى العملة الأكثر تداولا في الشارع الفلسطيني هي الشيكل الإسرائيلي، فشاء الفلسطينيون أم أبوا فإن ارتباطهم بالاقتصاد الإسرائيلي والسوق الإسرائيلية والمنتجات الإسرائيلية تحتم استخدام الشيكل وليس الدولار الأمريكي أو الدينار الأردني أو اليورو الأوروبي.
تلك الأوضاع تعكس نفسها بالكم الهائل من الصرافين الذين ينتشرون بكثافة في الشوارع الرئيسة في المدن الفلسطينية، سواء في محال الصرافة أو الصرافين المتجولين على قارعة الطرق.
ويقول الصراف ورجل الأعمال أسامه صلاح، وهو صاحب أحد محلات الصرافة العشرين المنتشرة في شارع صلاح الدين، وهو الشارع الرئيس في مدينة القدس، "الشيكل الإسرائيلي يستخدم لتداول آني سريع أما الادخار فهو يبدأ أولا بالدولار ثم الدينار الأردني ثم اليورو الأوروبي".
الأسعار هنا هي ذاتها هناك
المسألة يمكن فهمها أكثر من وجهة فهم سنقرط. يقول متوسط دخل الفرد في فلسطين هو ألف دولار سنويا، في حين أن متوسط دخل الفرد في إسرائيل هو 23 ألفا و500 دولار سنويا. وأضاف سنقرط "تخيل أن سعر لتر الحليب أو كيلو الطحين أو غيرها من المواد الأساسية هي تقريبا نفس الأسعار في السوقين الفلسطيني والإسرائيلي".
يشير حزبون إلى أن الوضع كان سيكون أفضل لو تم تنظيم استخدام الشيكل من خلال اتفاق يسمى (بدل استخدام العملة) يمكن الفلسطينيين من الحصول على فوائد من هذا الاستخدام، وقال "كان ذلك سيمكننا من استخدام عملات الآخرين كمقياس للتعامل التجاري أو للسلع، وبالمقابل نحصل أيضا على فوائد ومنافع تعود علينا من استخدام هذه العملة". وكان الفلسطينيون قد فكروا مع قيام السلطة الفلسطينية بعد التوقيع على اتفاق أوسلو في إصدار عملة فلسطينية تحمل اسم الجنيه الفلسطيني؛ إلا أن خبراء أكدوا أن إصدار العملة له متطلبات أولها استقرار الوضع السياسي والوضع الاقتصادي، باعتبار أن العملة تعطي الثقة بالاقتصاد فاذا لم يكن الاقتصاد قويا تصبح العملة عبئا على المستثمرين من ناحية عدم وجود مصادر اقتصادية كافية لتعزيز العملة الفلسطينية، وبالتالي تنشأ حالة من الهبوط المستمر لهذه العملة وفقدانها لقيمتها، وهو ما يعني حصول تضخم مالي في الاقتصاد في أي بلد كان.
واعتبر الخبراء أنه حتى الآن فإن الفلسطينيين لم يستوفوا المتطلبات الاقتصادية لإصدار عملة فلسطينية خاصة بهم، مفضلين الانتظار لحين قيام الدولة الفلسطينية.