خطيبة النساء
واحدة من فتيات الإسلام اللواتي تخرجن من مدرسة النبوة ..
شخصية نسويّة متميزة ، صقلها الإسلام فارتفع بها إلى
أعلى المراتب ..
على الرغم مما امتازت به أسماء رضي الله عنها من رهافة
الحسن ونبل المشاعر ورقة العاطفة، فقد كانت إلى جانب
كل هذا كغيرها من فتيات الإسلام اللواتي تخرجن من
مدرسة النبوة، لا تعرف الخضوع في القول، ولا الهبوط في
المستوى، ولا تقبل الضيم والذل، بل هي شجاعة، ثابتة،
مجاهدة، قدمت لبنات جنسها نماذج رائعة في شتى
الميادين.
وفدت رضي الله عنها على رسول الله صلى الله عليه
وسلم في السنة الأولى للهجرة وبايعته بيعة الإسلام.
وأخذت أسماء بعد ذلك تسمع حديث الرسول الشريف،
وتسأله عن دقائق الأشياء والأمور لتتفقه في أمور الدين.
وكانت شخصيتها قوية لا تستحي من الحق ،
" كانت من ذوات العقل والدين ".
و كانت رضي الله عنها تنوب عن نساء المسلمين في
مخاطبة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق
بهن، وقد أتته ذات مرة فقالت له:
" يا رسول الله، إني رسول من ورائي من جماعة نساء
المسلمين كلهن يقلن بقولي ، وهن على مثل رأيي ،
إن الله تعالى بعثك إلى الرجال والنساء فأمنا بك واتبعناك،
ونحن معشر النساء مقصورات مخدرات، قواعد بيوت،
ومواضع شهوات الرجال، وحاملات أولادهم، وإن الرجال
فضلوا بالجمعات وشهود الجنائز والجهاد، وإذا خرجوا
للجهاد حفظنا لهم أموالهم، وربينا أولادهم، أفنشاركهم
في الأجر يا رسول الله ؟؟" فالتفت رسول الله صلى الله
عليه وسلم إلى أصحابه وقال:
" هل سمعتم مقالة امرأة أحسن سؤالاً عن دينها من هذه؟"
فقالوا: بلى يا رسول الله
فقال صلى الله عليه وسلم :
انصرفي يا أسماء، وأعلمي من وراءك من النساء أن حسن
تبعّل إحداكن لزوجها وطلبها لمرضاته، واتباعها لموافقته
يعدل كل ما ذكرت للرجال".
( وحسن التبعّل: أي حسن المصاحبة في الحياة الزوجية والمعاشرة ) .
و في السنة الثالثة عشرة للهجرة بعد وفاة النبي صلى الله
عليه وسلم كانت معركة اليرموك العصبية الشريرة، وفي
هذه المعركة العظيمة كانت أسماء بنت يزيد مع الجيش
الإسلامي، مع أخلافها من المؤمنات خلف المجاهدين
تبذل جهدها في مناولة السلاح وسقي الماء وتضميد
الجراح والشد من عزائم الأبطال المسلمين .
و لكن ، عندما تأزمت المعركة، و حمي الوطيس، حينئذ
أدركت أن الواجب يحتم عليها أن تجاهد بما في وسعها
وطاقتها، ولم تجد أمامها إلا عمود خيمة، فحملته وانغمرت
في الصفوف، وأخذت تضرب به أعداء الله ذات اليمين وذات
الشمال حتى قتلت به تسعة من الروم .
وخرجت أسماء من المعركة وقد أقلت الجراح كاهلها، وشاء الله
لها أن تظل على قيد الحياة بعد ذلك سبعة عشر عاماً ..
فرحم الله أسماء بنت يزيد بن السكن، وأكرم مثواها بما
روت لنا من أحاديث، وبما بذلت وعملت لتكون درسا لغيرها
في تقديم ما بوسعها وطاقتها في سبيل نصرة الحق،
ورفع راية الإسلام خفاقة، حتى يكون الدين كله لله .